تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 399 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 399

399 : تفسير الصفحة رقم 399 من القرآن الكريم

** فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُواْ اقْتُلُوهُ أَوْ حَرّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللّهُ مِنَ النّارِ إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ إِنّمَا اتّخَذْتُمْ مّن دُونِ اللّهِ أَوْثَاناً مّوَدّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا ثُمّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النّارُ وَمَا لَكُمْ مّن نّاصِرِينَ
يقول تعالى مخبراً عن قوم إبراهيم في كفرهم وعنادهم ومكابرتهم ودفعهم الحق بالباطل, أنهم ما كان لهم جواب بعد مقالة إبراهيم هذه المشتملة على الهدى والبيان {إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه} وذلك لأنهم قام عليهم البرهان وتوجهت عليهم الحجة, فعدلوا إلى استعمال جاههم وقوة ملكهم {فقالوا ابنوا له بنياناً فألقوه في الجحيم * وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأسفلين} وذلك أنهم حشدوا في جمع أحطاب عظيمة مدة طويلة, وحوطوا حولها, ثم أضرموا فيها النار, فارتفع لها لهب إلى عنان السماء, ولم توقد نار قط أعظم منها, ثم عمدوا إلى إبراهيم فكتفوه وألقوه في كفة المنجنيق, ثم قذفوه فيها, فجعلها الله عليه برداً وسلاماً, وخرج منها سالماً بعد ما مكث فيها أياماً, ولهذا وأمثاله جعله الله للناس إماماً, فإنه بذل نفسه للرحمن, وجسده للنيران, وسخا بولده للقربان, وجعل ماله للضيفان, ولهذا اجتمع على محبته جميع أهل الأديان.
وقوله تعالى: {فأنجاه الله من النار} أي سلمه منها بأن جعلها عليه برداً وسلاماً {إن في ذلك لاَيات لقوم يؤمنون * وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدني} يقول لقومه مقرعاً لهم وموبخاً على سوء صنيعهم في عبادتهم للأوثان: إنما اتخذتم هذه لتجتمعوا على عبادتها في الدنيا صداقة وألفة منكم بعضكم لبعض في الحياة الدنيا, وهذا على قراءة من نصب مودة بينكم على أنه مفعول له, وأما على قراءة الرفع, فمعناه إنما اتخاذكم هذا لتحصل لكم المودة في الدنيا فقط {ثم يوم القيامة} ينعكس هذا الحال, فتبقى هذه الصداقة والمودة بغضاً وشنآناً ثم {يكفر بعضكم ببعض} أي تتجاحدون ما كان بينكم {ويلعن بعضكم بعض} أي يلعن الأتباع المتبوعين, والمتبوعون الأتباع {كلما دخلت أمة لعنت أخته} وقال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} وقال ههنا: {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار} الاَية, أي ومصيركم ومرجعكم بعد عرصات القيامة إلى النار وما لكم من ناصر ينصركم, ولا منقذ ينقذكم من عذاب الله, وهذا حال الكافرين, وأما المؤمنون فبخلاف ذلك.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي, حدثنا أبو عاصم الثقفي, حدثنا الربيع بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن جعدة بن هبيرة المخزومي عن أبيه عن جده, عن أم هانىء أخت علي بن أبي طالب قالت: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «أخبرك أن الله تعالى يجمع الأولين والاَخرين يوم القيامة في صعيد واحد, فمن يدري أين الطرفان ؟ ـ قالت: الله ورسوله أعلم ـ ثم ينادي مناد من تحت العرش: يا أهل التوحيد, فيشرئبون ـ قال أبو عاصم يرفعون رؤوسهم ـ ثم ينادي: يا أهل التوحيد, ثم ينادي الثالثة: يا أهل التوحيد, إن الله قد عفا عنكم ـ قال ـ فيقوم الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلامات الدنيا ـ يعني المظالم ـ ثم ينادي: يا أهل التوحيد ليعف بعضكم عن بعض, وعلى الله الثواب».

** فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنّي مُهَاجِرٌ إِلَىَ رَبّيَ إِنّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرّيّتِهِ النّبُوّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدّنْيَا وَإِنّهُ فِي الاَخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ
يقول تعالى مخبراً عن إبراهيم أنه آمن له لوط, يقال إنه ابن أخي إبراهيم, يقولون هو لوط بن هاران بن آزر, يعني ولم يؤمن به, من قومه سواه وسارة امرأة إبراهيم الخليل, لكن يقال كيف الجمع بين هذه الاَية وبين الحديث الوارد في الصحيح أن إبراهيم حين مر على ذلك الجبار فسأل إبراهيم عن سارة ما هي منه, فقال: أختي, ثم جاء إليها فقال لها: إني قد قلت له إنك أختي فلا تكذبيني, فإنه ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك, فأنت أختي في الدين. وكأن المراد من هذا ـ والله أعلم ـ أنه ليس على وجه الأرض زوجان على الإسلام غيري وغيرك, فإن لوطاً عليه السلام آمن به من قومه, وهاجر معه إلى بلاد الشام, ثم أرسل في حياة الخليل إلى أهل سدوم وأقام بها, وكان من أمرهم ما تقدم وما سيأتي.
وقوله تعالى: {وقال إِني مهاجر إِلى ربي} يحتمل عود الضمير في قوله {وقال إني مهاجر} على لوط. لأنه هو أقرب المذكورين, ويحتمل عوده إلى إبراهيم, قال ابن عباس والضحاك, وهو المكنى عنه بقوله: {فآمن له لوط} أي من قومه, ثم أخبر عنه بأنه اختار المهاجرة من بين أظهرهم ابتغاء إظهار الدين والتمكن من ذلك, ولهذا قال: {إنه هو العزيز الحكيم} أي له العزة ولرسوله وللمؤمنين به, الحكيم في أقواله وأفعاله وأحكامه القدرية والشرعية. وقال قتادة: هاجروا جميعاً من كوثى, وهي من سواد الكوفة إلى الشام. قال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون هجرة بعد هجرة ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم, ويبقى في الأرض شرار أهلها حتى تلفظهم أرضهم, وتقذرهم روح الله عز وجل, وتحشرهم النار مع القردة والخنازير, تبيت معهم إذا باتوا, وتقيل معهم إذا قالوا, وتأكل ما سقط منهم».
وقد أسند الإمام أحمد هذا الحديث فرواه مطولاً من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: حدثنا عبد الرزاق, أخبرنا معمرعن قتادة عن شهر بن حوشب قال: لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية, قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه نوف البكالي, فجئته إذ جاء رجل فانتبذ الناس وعليه خميصة, فإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص, فلما رآه نوف أمسك عن الحديث, فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنها ستكون هجرة بعد هجرة, فينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم, لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها, فتلفظهم أرضهم تقذرهم نفس الرحمن, تحشرهم النار مع القردة والخنازير, فتبيت معهم إذا باتوا, وتقيل معهم إذا قالوا, وتأكل من تخلف منهم» قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم, كلما خرج منهم قرن قطع كلما خرج منهم قرن قطع ـ حتى عدها زيادة على عشرين مرة ـ كلما خرج منهم قرن قطع حتى يخرج الدجال في بقيتهم» ورواه الإمام أحمد عن أبي داود وعبد الصمد كلاهما عن هشام الدستوائي عن قتادة به, وقد رواه أبو داود في سننه فقال في كتاب الجهاد (باب ما جاء في سكنى الشام) حدثنا عبيد الله بن عمر, حدثنا معاذ بن هشام, حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمر, قال: سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون هجرة بعد هجرة, وينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم, ويبقى في الأرض شرار أهلها, تلفظهم أرضهم, وتقذرهم نفس الرحمن, وتحشرهم النار مع القردة والخنازير».
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد, أخبرنا أبو جناب يحيى بن أبي حية عن شهر بن حوشب قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: لقد رأيتنا وما صاحب الدينار والدرهم بأحق من أخيه المسلم, ثم لقد رأيتنا بآخرة الاَن والدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم, ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لئن أنتم اتبعتم أذناب البقر, وتبايعتم بالعينة, وتركتم الجهاد في سبيل الله, ليلزمنكم الله مذلة في أعناقكم لا تنزع منكم حتى ترجعوا إلى ما كنتم عليه, وتتوبوا إلى الله تعالى» وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لتكونن هجرة بعد هجرة إلى مهاجر أبيكم إبراهيم حتى لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها, وتلفظهم أرضوهم, وتقذرهم روح الرحمن, وتحشرهم النار مع القردة والخنازير, تقيل معهم إذا قالوا, وتبيت معهم حيث يبيتون, وما سقط منهم فلها» ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج قوم من أمتي يسيئون الأعمال, يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ـ قال يزيد: لا أعلمه إلا قال ـ يحقر أحدكم علمه مع علمهم, يقتلون أهل الإسلام, فإذا خرجوا فاقتلوهم, ثم إذا خرجوا فاقتلوهم, ثم إذا خرجوا فاقتلوهم, فطوبى لمن قتلهم, وطوبى لمن قتلوه, كلما طلع منهم قرن قتله الله» فردد ذلك رسول لله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة وأكثر, وأنا أسمع.
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: حدثنا أبو الحسن بن الفضل, أخبرنا عبد الله بن جعفر, حدثنا يعقوب بن سفيان, حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد وهشام بن عمار الدمشقيان قالا: حدثنا يحيى بن حمزة, حدثنا الأوزاعي عن نافع, وقال أبو النضر عمن حدثه عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيهاجر أهل الأرض هجرة بعد هجرة إلى مهاجر إبراهيم, حتى لا يبقى إلاشرار أهلها, تلفظهم الأرضون, وتقذرهم روح الرحمن, وتحشرهم النار مع القردة والخنازير, تبيت معهم حيث باتوا, وتقيل معهم حيث قالوا, لها ما سقط منهم» غريب من حديث نافع, والظاهر أن الأوزاعي قد رواه عن شيخ له من الضعفاء, والله أعلم. وروايته من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أقرب إلى الحفظ.
وقوله تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} كقوله: {فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله, وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاً جعلنا نبي} أي أنه لما فارق قومه, أقر الله عينه بوجود ولد صالح نبي, وولد له ولد صالح نبي في حياة جده, وكذلك قال تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة} أي زيادة, كما قال تعالى: {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} أي يولد لهذا الولد ولد في حياتكما, تقر به أعينكما, وكون يعقوب ولد لإسحاق نص عليه القرآن وثبتت به السنة النبوية, قال الله تعالى: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ؟ قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحد} الاَية, وفي الصحيحين «إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام» فأما ما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب} قال: هما ولدا إبراهيم, فمعناه أن ولد الولد بمنزلة الولد, فإن هذا الأمر لا يكاد يخفى على من هو دون ابن عباس.
وقوله تعالى: {وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب} هذه خلعة سنية عظيمة مع اتخاذ الله إياه خليلاً, وجعله للناس إماماً أن جعل في ذريته النبوة والكتاب, فلم يوجد نبي بعد إبراهيم عليه السلام إلا وهو من سلالته, فجميع أنبياء بني إسرائيل من سلالة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم, حتى كان آخرهم عيسى ابن مريم, فقام في ملئهم مبشراً بالنبي العربي القرشي الهاشمي خاتم الرسل على الإطلاق, وسيد ولد آدم في الدنيا والاَخرة, الذي اصطفاه الله من صميم العرب العرباء من سلالة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام, ولم يوجد نبي من سلالة إسماعيل سواه, عليه أفضل الصلاة والسلام.
وقوله: {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الاَخرة لمن الصالحين} أي جمع الله له بين سعادة الدنيا الموصولة بسعادة الاَخرة, فكان له في الدنيا الرزق الواسع الهني, والمنزل الرحب, والمورد العذب, والزوجة الحسنة الصالحة, والثناء الجميل, والذكر الحسن, وكل أحد يحبه ويتولاه, كما قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم: مع القيام بطاعة الله من جميع الوجوه, كما قال تعالى: {وإبراهيم الذي وفى} أي قام بجميع ما أمر به وكمل طاعة ربه, ولهذا قال تعالى: {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الاَخرة لمن الصالحين} وكما قال تعالى: {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ـ إلى قوله ـ وإنه في الاَخرة لمن الصالحين}.

** وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُواْ ائْتِنَا بِعَذَابِ اللّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ * قَالَ رَبّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ
يقول تعالى مخبراً عن نبيه لوط عليه السلام, أنه أنكر على قومه سوء صنيعهم, وما كانوا يفعلونه من قبيح الأعمال في إتيانهم الذكران من العالمين, ولم يسبقهم إلى هذه الفعلة أحد من بني آدم قبلهم, وكانوا مع هذا يكفرون بالله ويكذبون رسله, ويخالفون ويقطعون السبيل, أي يقفون في طريق الناس يقتلونهم ويأخذون أموالهم {وتأتون في ناديكم المنكر} أي يفعلون ما لا يليق من الأقوال والأفعال في مجالسهم التي يجتمعون فيها, لا ينكر بعضهم على بعض شيئاً من ذلك, فمن قائل كانوا يأتون بعضهم بعضاً في الملأ, قاله مجاهد, ومن قائل كانوا يتضارطون ويتضاحكون, قالته عائشة رضي الله عنها والقاسم, ومن قائل كانوا يناطحون بين الكباش ويناقرون بين الديوك, وكل ذلك يصدر عنهم وكانوا شراً من ذلك.
وقال الإمام أحمد: حدثنا حماد بن أسامة, أخبرني حاتم بن أبي صغيرة, حدثنا سماك بن حرب عن أبي صالح مولى أم هانىء عن أم هانىء قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وتأتون في ناديكم المنكر} قال «يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم, وذلك المنكر الذي كانوا يأتونه» ورواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة, عن أبي يونس القشيري عن حاتم بن أبي صغيرة به, ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة, حدثنا محمد بن كثير عن عمرو بن قيس عن الحكم عن مجاهد {وتأتون في ناديكم المنكر} قال: الصفير ولعب الحمام والجلاهق والسؤال في المجلس, وحل أزرار القباء. وقوله تعالى: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين} وهذا من كفرهم واستهزائهم وعنادهم, ولهذا استنصر عليهم نبي الله فقال: {رب انصرني على القوم المفسدين}.